كيف تُشوّه فلاتر السيلفي إدراكنا لجمالنا الطبيعي؟

كيف غيّرت فلاتر السيلفي صورتنا عن أنفسنا؟ مقال يكشف العلاقة بين الصور المعدّلة واضطراب تشوّه صورة الجسد، ويوضح كيف تستعيدين ثقتك بجمالك الطبيعي.

في زمن تهيمن فيه صور السيلفي على حياتنا اليومية، بات من السهل أن نفقد الاتصال الحقيقي بصورتنا الذاتية. تُلتقط اللحظات وتُعدّل الوجوه وتُنعَّم البشرة بلمسة واحدة، لتُنشئ صورة “مثالية” تُصدَّر للعالم، ولكنها تُخفي وراءها صراعًا داخليًا قد لا يُرى.

ما يحدث في العيادات الجلدية والتجميلية اليوم يكشف عن ظاهرة مقلقة: فتيات جميلات بطبيعتهن، ينظرن إلى المرآة ولا يجدن أنفسهن، لأن المقارنة أصبحت مع صورة مثالية مزيفة صممها فلتر على تطبيق.

الفلاتر وتكوين صورة غير واقعية للذات

كيف تُزرع الصورة الفلاترية في اللاوعي؟

عندما تلتقط الفتاة عشرات الصور يوميًا باستخدام فلاتر تنعيم البشرة، وتصغير الأنف، وتكبير العيون، تتكوّن ببطء صورة ذهنية جديدة داخل عقلها الباطن. هذه الصورة لا تعكس الواقع، لكنها تترسخ باعتبارها “الأجمل” أو “الأفضل”.

التناقض بين الواقع والفلاتر

حين تنظر الفتاة إلى وجهها الحقيقي في المرآة، لا ترى الجمال الموجود بالفعل، بل ترى الفرق بين ما هو حقيقي وبين ما تُظهره الصور المعدّلة. هذا التباين يزرع مشاعر النقص والرفض الذاتي.

الوهم الذي يُسوَّق كحقيقة

وعود تجميلية زائفة

تستغل بعض المراكز والمروّجين عديمي الضمير هذا الضعف النفسي لدى الفتيات، فيبيعون لهن منتجات أو جلسات علاجية تَعِدُ ببشرة “مثالية” كالأطفال، دون أساس علمي حقيقي. وتُروَّج هذه الخدمات ليلًا ونهارًا على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

مَن المسؤول؟

لا يقع اللوم فقط على من يروّجون الوهم، بل أيضًا على من يستسلم له دون إدراك لحقيقة بشرته وملامحه، ودون طلب رأي طبي موثوق قبل اتخاذ قرارات قد تكون غير ضرورية أو حتى ضارة.

السيلفي وتشويه تصور الملامح

الكاميرا القريبة.. عدوّة التناسق!

صور السيلفي تُلتقط عادةً من مسافة قريبة جدًا من الوجه، ما يؤدي إلى تضخيم الملامح خصوصًا الأنف، فتبدو أكبر من حجمها الطبيعي. ومن هنا تبدأ الفتاة في الاعتقاد بوجود مشكلة تحتاج إلى تعديل جراحي أو تجميلي.

العين لا تكذب، لكن الصورة تفعل

في كثير من الأحيان، تأتي الفتاة إلى العيادة وتشتكي من عدم تناسق أنفها أو كبر ملامح وجهها، وعندما أُطمئنها بأن ملامحها طبيعية تمامًا، تفاجئني بصورة على هاتفها تطلب أن أقارن بها. وكأن المرجع هو ما تقوله الصورة، لا ما تراه العين الطبية المدربة.

اضطراب تشوّه صورة الجسد

عندما يتحوّل السعي للجمال إلى هوس

تُعرف هذه الحالة نفسيًا باسم اضطراب تشوّه صورة الجسد (Body Dysmorphic Disorder)، وهو اضطراب يجعل الشخص يرى عيوبًا مبالغًا فيها أو غير موجودة في مظهره الخارجي. وغالبًا ما يرتبط بقلق واكتئاب وشعور دائم بعدم الرضا.

أخطر مما نظن

هذا الاضطراب لا يقتصر على الهوس بالمظهر فقط، بل قد يدفع البعض لاتخاذ قرارات تجميلية غير محسوبة، أو الدخول في دوامة من الإحباط بسبب شعور دائم بأنهم لا يُشبهون الصورة التي يتخيلونها لأنفسهم.

رسالة من طبيب

خلال سنوات عملي، قابلت العديد من الحالات التي لم تكن مشكلتها في البشرة أو الملامح، بل في صورتها الذاتية. هؤلاء الفتيات لا يحتجن إلى تقشير أو ليزر أو بوتوكس، بل إلى أن يُعيدوا اكتشاف جمالهم الحقيقي بعيدًا عن الفلاتر والخيالات المصطنعة.

الجمال ليس في صورة مثالية باردة، بل في التناسق الطبيعي، في الملامح التي تعكس شخصيتك، في النضارة الصحية التي تدل على اهتمامك ببشرتك لا على محو هويتك.

خطوات نحو تصالح صحي مع الذات

  • قلّلي من استخدام الفلاتر في صورك الشخصية.

  • لا تقارني نفسك بصور الآخرين المعدّلة.

  • استشيري طبيب الجلدية إذا شعرتِ بعدم رضا عن بشرتك، لكن اجعلي الهدف هو الصحة والجمال الطبيعي.

  • احرصي على العناية ببشرتك يوميًا بنمط حياة صحي لا بحلول سحرية.

في الختام

أنتِ جميلة كما أنتِ، بجمالك الطبيعي وملامحك الفريدة. لا تسمحي لصورة رقمية أن تُشكّك في ثقتك بنفسك أو تُحدد قيمتك. وإن شعرتِ بحاجة إلى نصيحة أو دعم طبي موثوق، فعيادتنا دائمًا ترحب بك، بخبرتها وصدقها ورغبتها الصادقة في مساعدتك لا في استغلالك.

موضـوعــات أخــري تهمــك
أمراض الجلد والشعر والأظافر (بالغين وأطفال)
التناسلية والذكورة والصحة الجنسية
🔴 استشاري – خبرة 15 عام – طنطا 🔴