تُعد حروق الجلد من أكثر الإصابات شيوعًا في حياتنا اليومية، فقد تحدث في لحظة نتيجة حادث بسيط أثناء الطهي أو التعرض المفرط للشمس أو ملامسة مادة كيميائية أو تيار كهربائي. ورغم أن بعض الحروق سطحية ولا تحتاج سوى رعاية بسيطة، إلا أن بعضها قد يكون خطيرًا ويترك آثارًا دائمة إذا لم يُعالج بطريقة صحيحة وسريعة. في هذا المقال نتعرف على أنواع الحروق الجلدية، درجاتها، طرق الإسعاف والعلاج، وكيفية العناية بالبشرة بعد الحرق لتقليل الندبات.
ما هي أسباب وأنواع حروق الجلد؟
تحدث الحروق عندما تتعرض أنسجة الجلد لحرارة عالية أو مواد كيميائية أو إشعاع أو كهرباء. ويمكن تصنيفها حسب السبب إلى عدة أنواع رئيسية:
الحروق الحرارية
هي الأكثر شيوعًا، وتنتج عن ملامسة النار أو السوائل الساخنة أو البخار أو الأجسام المعدنية الحارة. تتراوح شدتها من احمرار بسيط إلى تلف عميق في الجلد والأنسجة.
الحروق الكيميائية
تحدث عند تعرض الجلد للأحماض أو القلويات أو المنظفات القوية. هذه المواد قد تواصل تأثيرها حتى بعد إزالة السبب، لذا يجب غسل المنطقة فورًا بالماء الجاري بكميات كبيرة.
الحروق الكهربائية
تنتج عن مرور تيار كهربائي في الجسم. تبدو أحيانًا بسيطة من الخارج، لكنها قد تُحدث أضرارًا داخلية في العضلات أو القلب، ما يجعلها من أخطر أنواع الحروق.
حروق الشمس
يُصاب بها كثير من الناس خلال الصيف بسبب التعرض الطويل لأشعة الشمس فوق البنفسجية دون واقٍ مناسب. وتظهر عادة باحمرار وتقشر وألم، وقد تسبب شيخوخة مبكرة للبشرة أو تصبغات دائمة.
درجات الحروق الجلدية
يقسّم الأطباء الحروق إلى ثلاث درجات رئيسية وفق عمق الإصابة:
الحروق من الدرجة الأولى
هي الأخف، وتؤثر فقط على الطبقة السطحية من الجلد (البشرة). تسبب احمرارًا وألمًا بسيطًا وتختفي خلال أيام دون أن تترك أثرًا، مثل حروق الشمس الخفيفة.
الحروق من الدرجة الثانية
تصيب الطبقات العميقة من الجلد، وتُظهر فقاعات مؤلمة مع تورم. تحتاج إلى علاج موضعي منتظم ومتابعة طبية لتجنب العدوى أو التندب.
الحروق من الدرجة الثالثة
الأخطر، إذ تُتلف جميع طبقات الجلد وقد تصل إلى الأنسجة تحت الجلد. تبدو المنطقة بيضاء أو سوداء متفحمة، وغالبًا لا يشعر المريض بألم لأن الأعصاب تكون تالفة. تتطلب تدخلًا طبيًا عاجلًا وربما جراحة ترقيع جلدي.
الإسعافات الأولية لحروق الجلد
عند حدوث الحرق، فإن سرعة التصرف الصحيحة تُحدث فرقًا كبيرًا في النتيجة النهائية. وتشمل خطوات الإسعاف الأولي الأساسية:
إيقاف مصدر الحرق فورًا بإبعاد المصاب عن النار أو الكهرباء أو المادة الكيميائية.
تبريد منطقة الحرق بالماء الفاتر الجاري لمدة 15–20 دقيقة لتقليل تلف الأنسجة (تجنب الثلج لأنه يسبب مزيدًا من الضرر).
إزالة الملابس والإكسسوارات المحيطة بالحرق إن لم تكن ملتصقة بالجلد.
تغطية المنطقة بقطعة قماش معقمة أو شاش طبي نظيف.
عدم وضع معجون الأسنان أو الزيوت أو الثلج أو أي مواد منزلية.
طلب المساعدة الطبية فورًا إذا كان الحرق عميقًا أو كبيرًا أو في الوجه أو اليدين أو القدمين أو الأعضاء التناسلية.
علاج حروق الجلد في العيادة
يعتمد علاج الحروق على نوعها ودرجتها ومساحتها ومكانها. وفي عيادات الجلدية يُقيَّم كل مريض بدقة لتحديد أفضل خطة علاجية.
العناية الموضعية
تنظيف الحرق بمحاليل معقمة ولطيفة على الجلد.
وضع كريمات تحتوي على مضادات بكتيرية ومهدئات مثل سلفاديازين الفضة أو بانثينول.
تغطية الجرح بشاش طبي غير لاصق للحفاظ على الرطوبة ومنع العدوى.
تغيير الضمادة يوميًا أو حسب تعليمات الطبيب.
الأدوية المساندة
قد تُستخدم مسكنات الألم ومضادات الالتهاب لتخفيف الألم والتورم، ومضادات حيوية فموية عند وجود علامات عدوى. كما يُعطى المريض حقنة التيتانوس إن لم يكن مطعمًا حديثًا.
العلاج الجراحي والترميمي
في حالات الحروق العميقة أو الواسعة، قد يكون من الضروري إجراء ترقيع جلدي أو علاج بالليزر التجميلي لإزالة الندبات وتحسين المظهر الجلدي.
العناية بالبشرة بعد الحرق
مرحلة ما بعد الشفاء لا تقل أهمية عن العلاج الأولي، إذ تساعد على استعادة نضارة الجلد وتقليل آثار الحروق.
الترطيب والتغذية الجلدية
يُنصح باستخدام كريمات مرطبة تحتوي على فيتامين E والسيليكون والألوفيرا لتغذية الجلد وتحفيز تجدد الخلايا. كما يُفضل تناول غذاء غني بالبروتينات والفيتامينات لدعم التئام الأنسجة.
الحماية من الشمس
الجلد بعد الحرق يكون حساسًا جدًا، لذا يجب استخدام واقي شمس قوي بعامل حماية SPF 50 يوميًا، مع تجنب التعرض المباشر للشمس خاصة في الساعات الحارة.
التدليك والعلاج الطبيعي
يساعد التدليك المنتظم للجلد بعد التئامه على تحسين الدورة الدموية ومنع تيبس الأنسجة وتقليل الندبات، خاصة في الحروق الواسعة أو القريبة من المفاصل.
الحروق عند الأطفال وكبار السن
الأطفال وكبار السن أكثر عرضة لمضاعفات الحروق بسبب رقة الجلد وضعف جهاز المناعة لديهم. في هذه الحالات يجب استشارة الطبيب فورًا وعدم الاعتماد على الوصفات المنزلية. كما ينبغي مراقبة السوائل والحرارة العامة للجسم لأن الجفاف والالتهابات قد تظهر بسرعة.
متى يجب مراجعة الطبيب فورًا؟
إذا كانت مساحة الحرق كبيرة أو تغطي أكثر من 5% من الجسم.
إذا كان الحرق في الوجه أو اليدين أو القدمين أو المفاصل أو الأعضاء الحساسة.
عند ظهور قيح أو رائحة كريهة أو ارتفاع في درجة الحرارة.
إذا كان المصاب طفلًا صغيرًا أو مريضًا بداء مزمن كالسكري أو أمراض القلب.
أحدث التقنيات في علاج الحروق الجلدية
تقدّم طب الجلد اليوم حلولًا متطورة تقلل الألم وتسرّع الشفاء وتحافظ على المظهر الجمالي.
الليزر التجميلي لعلاج آثار الحروق
يساعد الليزر الجزئي (Fractional Laser) على تحسين ملمس الجلد وتخفيف الندبات وتوحيد اللون.
العلاج بالخلايا الجذعية والعوامل النمائية
يُستخدم في بعض المراكز المتقدمة لتحفيز تكوين خلايا جديدة وتسريع تجدد الأنسجة التالفة.
الضمادات الذكية
وهي تقنية حديثة تحتوي على مواد مضادة للبكتيريا وتغيّر لونها عند حدوث عدوى، مما يسمح بالتدخل المبكر.
نصائح فعالة للوقاية من الحروق
لا تترك الأطفال في المطبخ أو قرب السوائل الساخنة.
استخدم القفازات عند التعامل مع المواد الكيميائية أو أدوات التنظيف.
تأكد من سلامة الأسلاك والأجهزة الكهربائية.
استخدم واقي الشمس بانتظام خاصة في الصيف.
أبعد الولاعات وأعواد الثقاب عن متناول الأطفال.
نحو شفاءٍ آمن وبشرةٍ سليمة
الوعي بكيفية التعامل مع الحروق من اللحظة الأولى يُحدث فرقًا كبيرًا في سرعة الشفاء وتقليل الأثر الجمالي. تذكّر أن الحروق ليست مجرد ألم عابر، بل إصابة تحتاج إلى تقييم وعلاج دقيق تحت إشراف طبي مختص. لذلك، في حال إصابتك أو أحد أفراد أسرتك بحرق جلدي، لا تتردد في زيارة عيادة د. سالم صلاح سالم – استشاري الأمراض الجلدية، حيث نوفر أحدث طرق علاج الحروق والعناية بالبشرة بعد الشفاء لضمان أفضل النتائج وأقل أثر ممكن.
