مرض السكري وأثره على الجلد
يُعد الجلد مرآة لصحة الإنسان، وكثيرًا ما يكون أول ما يكشف عن وجود اضطرابات داخلية مثل مرض السكري. فارتفاع مستوى السكر في الدم يؤثر سلبًا على الأوعية الدموية الدقيقة، والأعصاب، والمناعة، مما يجعل الجلد أكثر عرضة للجفاف والالتهابات والجروح المزمنة. وتشير الدراسات إلى أن ما يقرب من ثلث مرضى السكري يعانون من مشكلات جلدية في مرحلة ما من حياتهم، بعضها بسيط يمكن التعامل معه منزليًا، وبعضها قد يكون خطيرًا إذا أُهمل.
أكثر الأمراض الجلدية شيوعًا في مرضى السكري
تتنوع الأمراض الجلدية المرتبطة بالسكري بين حالات بسيطة تجميلية وأخرى تنذر بمضاعفات خطيرة. من أبرز هذه المشكلات ما يلي:
بقع الجلد السكرية (الاعتلال الجلدي السكري)
تظهر على شكل بقع بنية فاتحة أو داكنة قليلًا على الساقين، خاصةً في منطقة الساق الأمامية. وهي أكثر شيوعًا لدى كبار السن والمصابين بالسكري منذ سنوات طويلة. لا تسبب ألمًا ولا تحتاج إلى علاج، لكنها علامة على ضعف الدورة الدموية الدقيقة. ينصح بالعناية بالبشرة وضبط مستوى السكر لتجنب تفاقمها.
الفقاعات السكرية (Bullosis Diabeticorum)
فقاعات كبيرة أو صغيرة تظهر فجأة على اليدين أو القدمين دون سبب واضح أو إصابة. تكون غير مؤلمة وتمتلئ بسائل صافٍ، وتلتئم تلقائيًا خلال أسبوعين إلى ستة أسابيع ما لم تُصب بعدوى. الوقاية تكون بالحذر من الإصابات والحفاظ على نظافة الجلد.
التهاب الجلد التصلبي (Necrobiosis Lipoidica Diabeticorum)
من الحالات الجلدية المميزة لمرضى السكري، تظهر كبقع صفراء مائلة إلى البني ذات حواف حمراء ووسط رقيق لامع، وغالبًا على السيقان. قد تتقرح مع الوقت. العلاج يتضمن السيطرة الجيدة على السكر، واستخدام كريمات موضعية مضادة للالتهاب تحت إشراف الطبيب.
الشواك الأسود (Acanthosis Nigricans)
يتجلى في اسوداد وسماكة الجلد في مناطق الثنيات مثل الرقبة والإبطين والفخذين. يرتبط غالبًا بمقاومة الإنسولين والسمنة، ويُعد علامة مبكرة على السكري من النوع الثاني. العلاج يعتمد على إنقاص الوزن وتنظيم السكر، ويمكن استخدام كريمات تفتيح موضعية لتحسين المظهر.
تيبّس الجلد السكري (Diabetic Stiff Skin)
يتميز بجلد سميك لامع على الأصابع وظهر اليدين مع صعوبة في حركة المفاصل الصغيرة. وهو نتيجة ترسب الكولاجين الزائد وضعف الدورة الدموية. تحسين السيطرة على السكر والعلاج الطبيعي يساعدان على تحسين المرونة وتقليل الألم.
الالتهابات الجلدية في مرضى السكري
ارتفاع السكر في الدم يضعف المناعة ويزيد فرص الإصابة بالالتهابات البكتيرية والفطرية.
الالتهابات البكتيرية
تشمل الدمامل، والخراجات، والتهابات الأظافر، والتهاب الجلد حول الشعر. أكثر المسببات شيوعًا هي البكتيريا العنقودية (Staphylococcus aureus). تظهر الأعراض في صورة احمرار، ألم، وتورم. يحتاج المريض عادة إلى مضادات حيوية موضعية أو فموية، إلى جانب ضبط السكر والالتزام بالنظافة اليومية.
الالتهابات الفطرية
من أكثرها شيوعًا: الكانديدا، وتظهر في ثنايا الجلد وبين الأصابع وحول الأعضاء التناسلية. تسبب حكة شديدة واحمرارًا وتشققات. العلاج يكون بمضادات الفطريات الموضعية أو الفموية، مع الحفاظ على جفاف الجلد وتجنب الملابس الضيقة.
المشكلات الجلدية الناتجة عن ضعف الأعصاب والدورة الدموية
من أكثر مضاعفات السكري خطورة وتأثيرًا على جودة الحياة ما يلي:
قرح القدم السكرية
تحدث نتيجة فقدان الإحساس في القدمين بسبب اعتلال الأعصاب، مع ضعف التروية الدموية وتأخر التئام الجروح. تبدأ بجروح صغيرة قد لا يلاحظها المريض، ثم تتطور إلى قرح عميقة أو غرغرينا. الوقاية تشمل فحص القدمين يوميًا، وارتداء أحذية مريحة، والابتعاد عن المشي حافيًا، مع مراجعة الطبيب فور ظهور أي جرح.
جفاف الجلد والحكة المزمنة
تؤدي تلف الأعصاب وقلة التعرق إلى جفاف الجلد، مما يسبب الحكة والتشققات، خصوصًا في الساقين. ينصح باستخدام كريمات مرطبة يوميًا، وشرب الماء بانتظام، وتجنب الاستحمام بالماء الساخن.
أمراض الأوعية الدموية الطرفية
ضعف تدفق الدم يؤدي إلى برودة القدمين، بطء التئام الجروح، وشحوب الجلد. ممارسة الرياضة المعتدلة، والإقلاع عن التدخين، وتنظيم مستوى السكر والدهون تساعد على تحسين الدورة الدموية.
أمراض أخرى أكثر شيوعًا لدى مرضى السكري
الحبيبية الحلقيّة (Granuloma Annulare): بقع أو حلقات حمراء على اليدين أو القدمين، تتحسن غالبًا تلقائيًا.
الورم الأصفر الانفجاري (Eruptive Xanthomatosis): حبوب صفراء بحواف حمراء تظهر عند ارتفاع الدهون في الدم، خاصة مع عدم ضبط السكر.
البهاق: أكثر شيوعًا في النوع الأول من السكري بسبب العوامل المناعية.
نصائح العناية بالجلد لمرضى السكري
الحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية هو الأساس للوقاية من جميع المشكلات الجلدية.
فحص الجلد يوميًا وخاصة القدمين باستخدام مرآة للمناطق غير المرئية.
استخدام مرطبات غنية بعد الاستحمام وتجنب الماء الساخن.
تجفيف الجلد جيدًا خاصة بين الأصابع لتجنب العدوى الفطرية.
ارتداء أحذية مريحة قطنية وتجنب السير حافي القدمين.
مراجعة الطبيب فور ظهور أي جرح أو احمرار أو تغير في لون الجلد.
خاتمة
مشكلات الجلد المرتبطة بمرض السكري ليست مجرد أعراض تجميلية، بل مؤشرات مهمة على صحة الأوعية الدموية والأعصاب ومدى التحكم في مستوى السكر.
العناية اليومية بالجلد والمتابعة المنتظمة مع الطبيب تساعد على تجنب مضاعفات مؤلمة وخطرة. عند ملاحظة أي تغير جلدي مقلق، يمكنكم حجز موعد في عيادتنا ليقوم د. سالم صلاح استشاري الأمراض الجلدية والذكورة بفحص الحالة بدقة ووضع خطة علاجية شاملة للحفاظ على صحة الجلد وجودة الحياة.
